الأربعاء، 24 فبراير 2016

اللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها




وأنا أكتب هذه الكلمات لا أعرف ماهو الإحساس الذي تملكني حينها، هل الغضب والسخط ، أم الحزن والخوف، وربما الشفقة كلها أشياء كنت أحسها ولا أستطيع انتقاء شيء منها لأنى فى النهاية انسان ولست ملاكا منزها عن الخطأ ومن منا يأمن مكر الله، واكتفيت فقط بـالدعاء " اللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها".
فى أحد الأيام ركبت القطار متجها إلى قريتى الصغيرة شرقية مباشر بمحافظة الشرقية.. كنت شارد الذهن.. أفكر فى بعض أمور الحياة والكراهية التى زرعت فى قلوب البشر لدرجة أنها أصابت الإخوة الذين أصبحوا يتنازعون على بعض الأموال القليلة والميراث دون مراعاة أنهم أبناء بطن واحدة وتربطهم دماء واحدة تجرى فى شراينهم.. فإذا بشاب يجلس الى جوارى يتحدث إلى زميله عن وجود الله والدليل على وجوده.. وأين رحمته له عندما يموت اطفال أو بشر من شدة الجوع وهو من من اطلق على نفسه الرحمن الرحيم.. كلمات استفزتنى.. تركت مايحاك فى مخليتى.. وانتبهت إلى هذا الحديث بشغف.. برقت بعينى نحو هذا الشاب الذي احتارت مشاعرى ناحيته مابين شفقة واخرى غضب وثالثة حزن.. تابعت حديثه وتداخلت معه فى بعض أجزاء الحوار وجدت أننى أمام شخص ممن يلقبون بالملحدين.. متعصب.. شديد التمسك برأيه، لديه خلفية دينية لابأس بها لكنه مؤكدا من الضالين حتى ذلك الوقت وأتمنى أن يهدينا ويهديه الله الى الصواب.
قرأت كثيرا عن الإلحاد والملحدين فى مصر وأن عددهم زاد وتخطى نسبة 3% من تعداد المصريين حيث وصل الى مليونى او اكثر بقليل، لكن لأول مرة أتحدث مع ملحد وجها لوجه.. وقتها استرجعت ماقرأته للدكتور مصطفى محمود فى كتابه " حوار مع صديقى الملحد" وأسلوبه البسيط فى سرد هذا الحوار.. وهو يتنقل بين فصول الكتاب وفى كل مرة يصف فيها أسئلة صديقه الدكتور الملحد.. وتحديدا فصل الجنة والنار.. عندما سأله الملحد وهو واثقا من نفسه كل الثقة هذه المرة ليلوك الكلمات ليلقى بالقنبلة.. ويسأل .. كيف يعذبنا الله وهو الرحمن الرحيم على ذنب محدود فى الزمن بعذاب لا محدود فى الأبد " النار خالدين فيها.. شعرت هنا ان كل الملحدين شخصا واحد.. حيث قال ومن نحن وماذا نساوى بالنسبة لعظمة الله حتى ينتقم منا هذا الانتقام وما الإنسان إلا ذرة فى الكون.. وأجاب الدكتور مصطفى محمود .. قائلا، ونحن نصحح معلومات الدكتور أولا.. لسنا ذرة فى الكون وشأننا عند الله عظيما .. ألم ينفخ فينا من روحه ألم يسجد لنا الملائكة .. ألم يعدنا بميراث السموات والأرض.
أعد مرة أخرى إلى القطار وهذا الشاب الذي أتمنى أن يهديه الله ويهدينا معه إلى الطريق الصواب..وباغته بسؤال.. إذ لم تعتقد فى وجود الله فمن خلقنا؟.. رد على قائلا: السؤال هذا لا تسأله لى ولكن وجهه الى العلماء فهناك نظريات كثيرة على سبيل المثال نظرية الانفجار الكبير ونظرية التطور والنشوء والتى تعتمد على علم الجينات والجيولوجيا والبيولوجى.. وكفانا الانسياق وراء قصص من نسج خيالنا.. شعرت فى هذا التوقيت أننى وصلت إلى طريق مسدود مع هذا الشاب.. وتصارعت داخلى كم من مشاعر الغيظ والغيرة لكنى تراجعت وقلت لنفسى" انا مجرد انسان لا أملك الحكم أو التكفير وعلى أن اجعل تصرفاتى منبثقة من تعاليم دينى.
رأيته يقول من حقى أن أفكر من حقى أن أعتقد ومن حقى أن أختار الإله.. قاطعته وقتل له فعلا حرية التفكير والاعتقاد منحها الله لك وأيضا الدستور.. الدين الإسلامى قائم على الفهم والتطوير والتحديث ماعدا جوهر العقيدة وصلب الشريعة لأن الله واحد ولن يتطور الى اثنين وأيضا الشر واحد والخير واحد.. كلمات اقتبستها من ردود الدكتور مصطفى محمود فى الرد على صديقه الملحد بكتابه.. كما أن سورة الإخلاص أكبر دليل على ذلك، بسم الله الرحمن الرحيم " قل هو الله أحد .. الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد" صدق الله العظيم.
سألنى وفى عينه يقين أنى لا استطيع الرد، ما ذنب الذي يصله القرآن او غير المتعلم الذي لم يلم بتعاليم الإسلام أو ذلك الذي يأتيه نبى أو خرج على ظهر الدنيا وهو لم يؤمن بالوراثة، فقلت له قل الله تعالى" وإن من امة إلا خلا فيها نذير" وتذكرت كلمات شيخ لى فى قريتى ..ربنا رحيم بعباده.. ورحمته وسعت كل شيء.. ويختص بها من يشاء.. وانه لايسأل عما يفعل".
أسئلة أخرى وجدته يلوك بها لى ويوجهها إلى الزميل الآخر الغاضب منه دائما والذي أرى فى عينه الشر ناحيته لولا أنى كنت أهدأ من روعه.. فسألنا لو ان الله قدر لى أفعالى فلماذا يحاسبنى فى الآخرة.. ومن خلق الله.. أسئلة كثيرة .. لم اجد سوى الضحك أمامه وطلبت منه إنهاء الحوار حتى لا ينقلب الحوار إلى سفسطة وطلبت منه ان يذهب الى شيخ جليل حتى يستطيع الرد عليه بحجج وبراهين ونصحته بقراءة كتاب الدكتور مصطفى محمود حوار مع صديقى الملحد ورحلتى من الشك الى اليقين.. وضربت له مثلا استعان به الدكتور مصطفى محمود فى كتابه.. وتشبيهه لأمثاله من الملحدين بالعرائس التى تتحرك بالزمبلك وتتصور ان الإنسان الذي صنعها عليه ان يتحرك هو الآخر بالزمبلك فإذا قلنا لها انه يتحرك من تلقاء نفسه .. ردت قائلة لا انه يتحرك بالزمبلك وكل شيء فى عالمى يتحرك هكذا أيضا" .. فالله خالق كل شيء خلق الزمان والمكان فلا نصح أن نراه مقيدا بذلك طلاقة قدرة الله فوق كل شيء.. ويقول الله فى حديث قدسى" انا يستدل بى.. أنا لا يستدل علىّ".
يجب أن يكون حل هذه القضية الشائكة ليس بالقانون او السجن او التكفير ولكن الفكر لا يعالج إلا بالفكر.. وعلى لأزهر مسؤولية كبيرة فى محاربة الإلحاد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق